كُتب المبدع محمد عودة التالي.
المهندس محمد شوكت عودة،
مدير مركز الفلك الدولي.
في ظاهرة فلكية نادرة لم تحدث منذ 400 سنة، سيشهد العالم مساء يوم الإثنين 21 ديسمبر 2020م ظاهرة فلكية يسميها البعض “الاقتران العظيم”، وهي اقتراب ظاهري في السماء بين كوكب المشتري وكوكب زحل. ويمكن رؤيتهما بسهولة بالعين المجردة.
وحيث أن كوكب المشتري يحتاج إلى 12 سنة ليدور دورة واحدة حول الشمس، وفي حين أن كوكب زحل يحتاج إلى 30 سنة، فهذا يعني أن كلا الكوكبين بالنسبة لنا يقتربان من بعضهما البعض مرة كل 20 سنة. وعادة تكون المسافة بينهما ما بين الدرجة إلى الدرجتين. أما ما يميز الاقتران هذا العام فهو أن المسافة بينهما ستبلغ 6 دقائق قوسية فقط، أي ما يساوي عُشر الدرجة الواحدة! وهو أقل بقليل من ربع قطر القمر ظاهريا! وهذه مسافة تعتبر صغيرة جدا!
وكان آخر مرة حدث فيها الاقتران بمثل هذه المسافة قبل حوالي 400 عام، وذلك يوم 16 يوليو 1623م. ولكن المفارقة أن ذلك الاقتران لم يكن مشاهدا إلا من المناطق القريبة من خط الاستواء، لأن المشتري وزحل كانا قريبين من الشمس. وعليه يمكن القول بأن آخر اقتران مماثل أمكنت مشاهدته من غالبية مناطق الكرة الأرضية كان قبل 800 عام، وذلك يوم 05 مارس 1226م، وكانت المسافة بينهما دقيقتين قوسيتين فقط! وسيكون الاقتران المماثل القادم عام 2080م، والذي يليه عام 2417م، بمشيئة الله.
وخلافا لما تذكره بعض المواقع، وعلى الرغم من أن المسافة بين الكوكبين ستكون قريبة جدا، إلا أنهما لن يتحدان ويظهران كجرم واحد، فالمسافة بينهما أقل من أن تحدث هذه الظاهرة. ويشار إلى أن المسافة الحقيقية بين الكوكبين تبلغ ملايين الكيلومترات. وهذه الظاهرة مجرد تقارب ظاهري كما يُرى من الأرض.
وتجدر الإشارة إلى أن كوكبي المشتري وزحل أجرام لامعة جدا يمكن رؤيتها بسهولة بالعين المجردة حتى من داخل المدن الملوثة ضوئيا. فكوكب المشتري هو ألمع جرم في السماء بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة. وكذلك فإن كوكب زحل من ألمع الأجرام السماوية. ولمشاهدة هذا الحدث انظر إلى جهة الغرب فور حلول الظلام، وستلاحظ جرما أبيضا لامعا جدا فوق الأفق الغربي هذا هو كوكب المشتري، ويعلوه جرم آخر لامع ذهبي اللون، هذا هو كوكب زحل. وإذا نظرت إلى السماء قبل يوم 21 ديسمبر ستلاحظ كلا الجرمين أيضا إلا أنهما سيكونان أبعد عن بعضهما البعض، وستقل المسافة بينهما بمرور الأيام إلى أن تصل أقل ما يمكن ليلة الإثنين 21 ديسمبر، ويمكن رؤيتهما في الأيام التالية أيضا، إلا أن المسافة بينهما ستزداد، وسيعلو المشتري زحل.
ولكي لا تفوتك هذه الظاهرة، فاحرص على الرصد من مكان أفقه الغربي مكشوف، فالكوكبان قريبان نسبيا من الأفق، وقد تحجبه البنايات أو المرتفعات. وكذلك لا تتأخر كثيرا بعد حلول الظلام، فهما سيغيبان بعد حوالي ساعتين ونصف من غروب الشمس. واحرص على الرصد من مكان غير مغبر أو غائم، فهذه قد تحجب أو تضعف الرؤية.